زيف الادعاءات الاستعمارية- انكشاف الوجه القبيح لإسرائيل في فلسطين

المؤلف: عبداللطيف الضويحي10.17.2025
زيف الادعاءات الاستعمارية- انكشاف الوجه القبيح لإسرائيل في فلسطين

لا توجد دولة نشأت وازدهرت بالاعتماد على مزاعم زائفة وأوهام خادعة، كما هو الحال في فلسطين المحتلة، حيث يستند الكيان الغاصب إلى ادعاءات تاريخية وهمية لا أساس لها من الصحة. هذه الادعاءات تتعارض بشكل صارخ مع معتقدات اليهود الحقيقيين والمنظمات اليهودية العالمية التي لا تعترف بإسرائيل ولا تقبل احتلالها لفلسطين، مستندة في ذلك إلى مبادئ دينية يهودية راسخة، فضلاً عن الأسس الأخلاقية والقانونية السليمة. فلماذا يُسمح للمستعمرين الغربيين، من خلال هذا الكيان الغاصب، بتجاوز إرادة الجمعيات اليهودية العالمية، وادعاء إقامة دولة يهودية في فلسطين دون الحصول على موافقة وقبول يهود العالم والمنظمات اليهودية العالمية؟ لعقود طويلة، انتهج هذا الكيان ومن يدعمون مشروعه مبدأ "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". لقد مارسوا الكذب والتضليل على نطاق واسع، مستغلين في ذلك الجوقة الإعلامية والسياسية الغربية، وخاصة الإعلام والسياسة الأمريكية. ولكن، مع اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، انكشف القناع وزالت الصورة الزائفة التي كانت تُظهر إسرائيل كدولة إنسانية وديمقراطية. استيقظ العالم على أبشع الصور وأقبح الأخلاقيات التي يمكن أن توجد لدى أسوأ فئات البشر. كان هذا الكيان يخفي هذه الحقيقة البشعة خلف ادعاءات كاذبة بأنه ضحية تاريخية وحمل وديع. واليوم، أصبح كياناً ملاحقاً من قبل محكمة العدل الدولية، ومطالباً من قبل المحكمة الجنائية، ومطارداً لقادته وسياسييه وجنوده في مختلف دول العالم. فكيف تمكن الإعلام الغربي والساسة الغربيون على مدى عقود من ترويج صورة مُلمّعة للعصابات والمافيات التي تحتل فلسطين، وتقديمهم بصورة مناقضة تماماً لحقيقتهم وما هم عليه من إجرام ووحشية وعنصرية وقبح؟ إن فكرة دولة إسرائيل هي فكرة خيالية وغير واقعية؛ لأن إسرائيل هي نبتة بلا جذور في هذه الأرض. لقد أثبتت الحرب الأخيرة على غزة أن أقصر المسافات بين الواقع والخيال تتجلى بوضوح في الحروب. فقد تحطمت السردية الإسرائيلية في أذهان مئات الآلاف من المستوطنين الذين عادوا إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا والعالم، بعد أن أدركوا حجم الكذبة الإسرائيلية الغربية، وبعد أن استيقظوا على حقيقة أنهم ليسوا في دولة حقيقية وطبيعية! فهل هناك دولة حقيقية وطبيعية لا يستطيع سكانها اللجوء أثناء الأزمات والحروب إلى أي من دول الجوار، باستثناء الكيان الإسرائيلي الغاصب في فلسطين؟ إن أصحاب المشروع الاستعماري الغربي الغاصب لفلسطين يدركون تماماً حجم المخاطر التي تواجه هذا المشروع وصعوبة تحقيقه على أرض الواقع. كما يدركون حجم المخاطر التي يتسبب بها هذا المشروع الاستعماري الفريد لدول المنطقة العربية والإسلامية. فهو يُعد آخر بقايا الاستعمار الغربي في العالم؛ ولذلك أحاطوا هذا المشروع بعدد من السياجات والتحصينات والمتاريس العسكرية والأمنية والاقتصادية والتقنية منذ ولادته. أحد أهم تلك المتاريس التي تقف وراء المشروع الاستعماري الغربي في فلسطين وتحميه وتدعمه بكل أنواع الدعم، هو الدعم العسكري الغربي، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الفيتو الأمريكي الذي يوفر له حماية فائقة. يلي ذلك، وقبله، أخطبوط "الحركة الصهيونية" الذي يقدم دعماً قوياً للمشروع الاستعماري الغربي في فلسطين. ثم يأتي البعد اليهودي، أو ما يسمى بـ "الدولة اليهودية"، التي لا تمثل اليهود الحقيقيين والمنظمات اليهودية في العالم بقدر ما تمثل شريحة محدودة من يهود العالم. ثم يأتي سياج آخر صنعته السردية الغربية الإسرائيلية لحماية الكيان الغربي المحتل في فلسطين، وهو قانون "معاداة السامية"، الذي يُستخدم ضد كل من ينتقد ويقوض السردية الإسرائيلية في الإعلام والجامعات والمنابر الغربية السياسية والأكاديمية والعلمية والفكرية والثقافية. يأتي بعد ذلك مبدأ "الدفاع عن النفس"، الذي سمعناه مراراً وتكراراً أثناء حرب الإبادة الغربية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، على لسان أغلب القيادات السياسية الأمريكية والأوروبية. فجرائم إسرائيل تُعتبر حقاً مقدساً ضد أي دولة وضد أي منظمة، حتى ضد الأونروا ومنظمة الصحة العالمية، بينما يُنظر إلى الطرف الذي تعتدي عليه إسرائيل على أنه المعتدي. فإسرائيل، وفقاً للعقلية الاستعمارية الغربية، هي الوحيدة التي تمتلك الحق الحصري في الدفاع عن نفسها، وذلك لأنها تمثل المشروع الاستعماري الغربي في قلب العالم العربي والإسلامي وأفريقيا. إن الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة بسبب الأسلحة الأمريكية والفيتو الأمريكي، فضحت، ربما للمرة الأولى، النفاق الغربي الاستعماري في المنطقة، والذي لا يقتصر على دولة فلسطين. فهذا المشروع الاستعماري الغربي يهدف إلى التوسع ليشمل جميع الدول العربية المجاورة لفلسطين، ولاحقاً إلى دول عربية وأفريقية أخرى. يجب على الدول العربية والإسلامية والأفريقية أن تتصدى لهذا المشروع الخطير، وأن تستثمر الصحوة الغربية الكاسحة بين الشباب والجامعات في أمريكا وأوروبا، بعد تحطم الصورة وتكشف السردية الإسرائيلية الغربية الاستعمارية. يجب عليها أن تنقض إعلامياً وسياسياً وثقافياً وفكرياً وعلمياً وحقوقياً على المشروع الاستعماري الغربي الإسرائيلي، وأن تقضي عليه قبل أن يبتلع المنطقة وشعوبها وثرواتها وحضاراتها، وقبل فوات الأوان. هذا مشروع استعماري غربي توسعي على حساب الحضارة والشعوب والتاريخ العربي والإسلامي والأفريقي، خاصة أنه يلتقي مع الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة النفوذ الصيني والروسي، ولا سيما بعد طرد فرنسا من أفريقيا، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الألماني المتدهور وأزمة الطاقة بين الأوروبيين وروسيا.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة